الأحد، 26 أبريل 2015

الشيخ محمد بابا اعمر البليدي

 
الشيخ محمد بابا اعمر البليدي 
(1893- 1976م)


مولده و طلبه للعلم:

ولد الشيخ محمد بابا عمر ،بن الحاج مصطفى بمدينة البليدة ،في الخامس من شهر أوت سنة 1893م ،وتابع دراسته على الطريقة التقليدية في جامع ابن سعدون ، بالبليدة حيث تحصل على أول إجازاته في القراءات السبع ،تلاوة ، وإقراء منحها إياه العلامة المغربي ،خادم الحديث النبوي ،محمد عبد الحي الكتاني الحسني الإدريسي  الفاسي ، وكان سنه آنذاك دون الثلاثين، فكان إماما  بلا مدافعة  في القراءات.

فكان الشيخ كالأترج مصداق قول النبي ( صلى الله عليه وآله سلم) : مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ،ريحها طيب وطعمها طيب ،ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القران ،مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ،ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ،ريحها طيب وطعمها مر ،ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن ،كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر.
 
وقارئه المرضي قرّ مثاله *** كالا ترج حاليه مريحا وموكلا
هو المرتضى أما إذا كان أمّة *** ومّيه ظلّ الرزانة قنقلا

قال صلى الله عليه وآله سلم: [من جمع القرآن متعه الله بعقله حتى يموت].

وتلت هذه الإجازة إجازات أخرى هي :

-    إجازة في جميع التصانيف العلمية المتداولة ، في جميع الديار والأقطار( نظم ابن عاشر، رسالة أبي زيد القيرواني، متن مختصر خليل، ومتن الأجرومية ، متن قطر الندى وبل الصدى، صغرى الإمام السنوسي، نظم السلم في المنطق)... إلخ سلمها له السيد قدور أحمد بن الحاج العربي ، المفتي المالكي بمنطقة البليدة.

-    إجازة في الحديث النبوي الشريف ، سلمها له الشيخ سيدي قدور الأمين الإمام الأول في الجامع الأعظم بالجزائر.

-    إجازة منحها إياه فضيلة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور التونسي ، في رواية الحديث النبوي ،فيما ثبت له روايته من الكتب الحديثية وكتب العلوم الشرعية والأدبية.

وقد كان الشيخ يفتتح رواية البخاري بالسند المتصل كالتالي : بالسند المتصل بإجازة من شيخنا المرحوم سيدي قدور الأمين عن الأستاذ المرحوم سيدي محمد ابن أبي قندورة عن علامة الجزائر ومفتي المالكية سيدي عبد الرحمن بن الحفاف عن شيخه العلامة المحدث قاضي الجزائر ثم مفتيها المرحوم سيدي أحمد ابن الكاهية بسند مذكور رجاله مصرح بهم إلى عبد الله سيدي محمد بن إسماعيل ابن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري الجعفي رضي الله عنه وعن الحميدي عبد الله بن الزبير قال حدثنا سفيان قال حدثنا يحيى ابن سعيد الأنصاري قال أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [إنما الأعمال بالنيات]... إلى آخر الحديث، وكان الشيخ محمد بابا عمر أحد المتميزين في قراءات القرآن العظيم ،وترتيله وتجويده وكان ذلك من أسباب ذيوع صيته في العالم الإسلامي واستقطاب اهتمام مشاهير علمائه.

تدرجه في عدة مهام: 

وقد عينته وزارة التعليم الأصلي والشؤون الدينية للمشاركة عدة مرات في ملتقيات قراءات القرآن الكريم ، حيث ترأس غير مرة مسابقات تجويد القرآن المجيد ، كما كلفته الوزارة نفسها بتدريس القراءات القرآنية في معاهد تكوين الأئمة. وقد أطلق اسمه منذ بضع سنين على دفعة من الأئمة المتخرجين [دفعة الشيخ نحمد بابا عم] تكريما لذكراه وعرفانا بمجهوداته الجبارة ودوره الفعال في تكوين الأئمة وتوجيههم، وفضلا على كل هذا فقد كان رجل فقه قدير يرجع إليه في جميع الأحوال والمناسبات، ومن أبرز مميزاته شدة ورعه والتي دفعت به إلى أن يهب حياته لخدمة الدين الإسلامي الحنيف ونشر مبادئه في مختلف الأوسط الاجتماعية والثقافية.

وقد تدرج قيد حياته عدة مهام هي:

-    تم تعيينه حزّابا بمسجد البليدة سنة 1919م
-    ثم عين إماما بمسجد القبة سنة 1925م حاليا يسمى المسجد العتيق.
-    عين إماما بالجامع الجديد بالجزائر العاصمة سنة 1940م
-    ثم عين مفتي الديار الجزائرية في الجامع الأعظم بالجزائر العاصمة ابتداء من سنة 1941م.

بالإضافة إلى مختلف المهام التي قام بها في المساجد كان يضطلع بتدريس الحديث النبوي الشريف في معهد الدراسات الإسلامية العليا التابع للتعليم العالي الرسمي الكائن مقره آنذاك في قصر الشتاء جوار جامع كتشاوة بالجزائرالعاصمة، وتجدر الإشارة من جهة أخرى إلى أن الشيخ محمد بابا عمر كان مولعا بالموسيقى الأندلسية الجزائرية مطلعا اطلاعا واسعا على أصولها وأنواعها ومقاماتها وقد ساعدته هذه المعرفة على إتقان التجويد وإعطائه طابعا متميزا، وكان ذا صوت حسن.

نشاطه الثوري:

وفضلا على كل هذا فقد عرف الشيخ طوال حياته وخاصة أثناء ثورة التحرير بنضاله الحثيث من أجل إعلاء شأن الدين الإسلامي ،والمحافظة على العقيدة والإيمان وبمواقفه المشرفة من هذه الثورة المباركة.

فقد فتح أبواب الجامع الأعظم على مصراعيه أمام مناضلي الثورة التحريرية كما قام بإيوائهم في مكتبه بل كان أيضا يقوم بإخفاء أسلحتهم والأدوية الموجهة إليهم فيه مما جعله محل تفتيش من قبل السلطات المستدمر الفرنسي .

وفاته:

انتقل الشيخ بعد حياة حافلة بالجهاد إل جوار ربه يوم عيد الأضحى سنة 1976 ودفن بمقبرة سيدي امحمد في اليوم الموالي أي الجمعة المصادف للثالث من شهر ديسمبر، رحمه الله ،وجزاه الله على ما قدم للإسلام خير الجزاء ولطف به وبنا، آمين.
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق