الأربعاء، 15 أبريل 2015

محمد بن أبي شنب (رحمه الله)

محمد بن أبي شنب (رحمه الله)
محمد بن أبي شنب هو أول جزائري

 حامل لشهادة الدكتوراه في العصر الحديث.



نبذة عن حياة العلامة ابن أبي شنب |(رحمه الله) :

  هو علم من أعلام الجزائر، ما بين القرنين التاسع عشر ،والعشرين للميلاد، واختلف الباحثون حول مشاركته في الحركة الاجتماعية والإصلاحية التي تمخضت عنها الجزائر في فترة عصيبة من فترات التاريخ، وكان أحد شهودها ، إلا أن البحوث حوله لم يكن لها الخلاف حول علمه ونباهته وقدرته على التحقيق العلمي في زمن غلب التقليد على أهله .
التعريف بالشيخ بن أبي الشنب (رحمه الله) :
هو محمد بن العربي بن محمد بن أبي شنب ولد سنة 1869 م الموافق ل 10 رجب 1286 هـ بمدينة المدية بناحية تاكبو "عين الذهب" في الجزائر ونشأ في أسرة تعود جذورها إلى مدينة "بروسة" التركية وكانت على جانب من الغنى واليسار وتعمل بالزراعة.
وقد عنيت هذه الأسرة بتربية ابنها وتعليمه؛ فحفظ شيئا من القرآن العظيم ، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بمدارس منطقة المدنية ، التي أنشأتها فرنسا وفق خطتها في نشر ثقافتها؛ فتعلم الفرنسية وقرأ آدابها وتاريخها، وبعد أن أنهى تعليمه الثانوي التحق بمدرسة دار المعلمين الفرنسية ،ببو زريعة ،بالقرب من الجزائر العاصمة ، وقضى بها عامًا للدراسة تخرج بعدها مجازًا بتعليم اللغة الفرنسية وآدابها في المدارس الابتدائية.
نشأته وعلمه :
وُلد محمد بن العربي بن محمد أبي شنب (رحمه الله) يوم الثلاثاء 20 رجب 1286هـ، الموافق 26 أكتوبر 1869م، بمنطقة (عين الذهب) التي تبعد بحوالي ثلاث كيلومترات عن وسط مدينة المدية ، من عائلة تجمع بين الأصلين التركي والجزائري ، و هو النوع الذي يُعرف في التاريخ ، بـ زيجة الكراغلة ـ وهي عقود الزواج التي تجمع بين تركي وجزائرية ـ وهي أحد العائلات التركية المقيمة في الجزائر التي نجت من الطرد إلى (أزمير) التركية بعد الاحتلال الفرنسي .
ونشأ محمد في حجر والديه اللذان اعتنيا به، وحفظ القرآن العظيم عن شيخه (أحمد بارماق)، ثم توجه إلى تعلّم الفرنسية بالمكتب الابتدائي، أين تحصل على شهادة مكنته من الالتحاق بالمدرسة الثانوية، وسهل له ذلك الخط الذي انتهجته الفلسفة الاستعمارية التي تبنّت سياسة تعليم الأهالي بعد منعها بهدف تكوين نخبة منهم .
فتوجه ابن أبي شنب (رحمه الله) إلى الجزائر العاصمة سنة 1886م، والتحق بمدرسة المعلمين ـ Ecole normale) ببوزريعة ، وتخرج منها بعد سنتين وعمره يبلغ 19 سنة فقط.
وبعد ذلك، تم تعيينه معلما بالمكتب الرسمي في قرية (سيدي علي تامجارت) المعروفة حالياً بـ ـ وامري ـ [وامري ، بلدية من بلديات دائرة وامري بولاية المدية الجزائرية ،] فمكث فيه أربع سنوات، ثم انتقل إلى مكتب الشيخ إبراهيم فاتح الرسمي بالجزائر العاصمة ، ومنها إلى الجامعة الجزائرية ، أين تقدم للامتحان و أحرز شهادة اللغة العربية ، كما درس على الشيخ عبد الحليم بن سماية (رحمه الله) ،علوم البلاغة والمنطق والتوحيد، وناب عن الشيخ أبي القاسم ابن سديرة في دروسه العربية بالجامعة لمدة سنة كاملة.
وفي سنة 1896م حصل على شهادة البكالوريا، ولكنه تخلّف عن الامتحان النهائي بسبب إصابته بالجدري.
وفي عام 1898م عينته الأكاديمية أستاذا بالمدرسة الكتانية في قسنطينة خلفا للشيخ العلاّمة عبد القادر المجاوي (1848م ـ 1914م)عندما انتقل هذا الأخير إلى المدرسة الثعالبية بالجزائر العاصمة ، فأقرأ بها الشيخ ابن أبي شنب (رحمه الله) علوم النحو والصرف والفقه والأدب، ثم عين مدرسا بالمدرسة الثعالبية كذلك خلفا للشيخ عبد الرزاق الأشرف (1871م ـ 1924م) .
وفي 15 نوفمبر 1903 م، تزوج الشيخ بابنة الشيخ قدور بن محمود بن مصطفى، الإمام الثاني بالجامع الكبير، فرزق منها بخمسة ذكور وأربع إناث.
وفي حوالي 1904م، أسند إليه دراسة صحيح البخاري رواية بجامع سفير بالعاصمة، وارتقى في عام 1908م إلى رتبة محاضر بالجامعة.
وفي سنة 1920م انتخبه المجمع العلمي العربي بدمشق عضوا به، وفي نفس السنة تقدم لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة الجزائر فأحرزها بدرجة (ممتاز)، حيث ألف كتابين أحدهما يدور على أبي دلامة شاعر العباسيين، والثاني بحث ذكر فيه الألفاظ التركية والفارسية المستعملة في لغة أهالي الجزائر.
وفي سنة 1924م ، عُيّن الشيخ ابن أبي شنب ( رحمه الله ) أستاذا رسميا بكلية الآداب الكبرى في العاصمة، كما انتخبه المجمع العلمي الاستعماري بباريس عضوا عاملا به، كما انتخبته هيأة إدارة مجلس الجمعية التاريخية الفرنسية كاتبا عاما بها.
وكان محمد ـ رحمه الله ـ يتقن إلى جانب العربية اللغة الفرنسية والإنجليزية ،والإيطالية ،والأسبانية ،والألمانية ،والفارسية، وشيئا من اللاتينية ،والتركية، وهذا ـ إضافة إلى مكانته العلمية ودقة تحقيقاته ـ وهو ما جعل كثيرا من العلماء والمستشرقين يراسلونه ويكاتبونه، ومنهم على سبيل الذكر العلاّمة أحمد تيمور باشا ، ورئيس مجمع اللغة العربية بدمشق محمد كرد علي ، وعلامة تونس حسن حسني عبد الوهاب ، والمستشرقون أمثال (كوديرا) و(بلاثيوس) و(كراتشوفسكي).
كما انتُدب لتمثيل الجزائر في المؤتمرات الدولية الخاصة بالتراث العربي والإسلامي، وكان آخر ما حضره المؤتمر السابع عشر للمستشرقين بأوكسفورد ، أين قدّم بحثا عن الشاعر ابن خاتمة الأندلسي.
ومرض الشيخ ابن أبي شنب مرضا أعيا الأطباء شفاؤه ،فدخل مستشفى مصطفى باشا ،وتوفي شهرا بعد ذلك، في يوم الثلاثاء 26 شعبان 1347هـ الموافق 05 فبراير 1929م ودُفن يوما بعد ذلك في مقبرة سيدي عبد الرحمن الثعالبي بالجزائر العاصمة .
وترك الشيخ آثارا كثيرة ما بين تحقيق وتأليف، ومنها على سبيل المثال: مقدمة ابن الأبّار بالاشتراك مع المستشرق بيل، ثم نشر تكملته، كما حقق الرحلة الورثيلانية والدراية بعلماء بجاية ، وصنّف في تاريخ الرجال الذين رووا صحيح البخاري وأوصلوه إلى الجزائر واختلاف طرق الرواية في ذلك، وحقق مجموعا يحتوي على طبقات علماء إفريقية وطبقات علماء تونس. وصنف تحفة الأدب في ميزان أشعار العرب وشرح مثلث قطرب، وغيرها كثير من المؤلفات والتحقيقات والترجمات .

اجتهاده ومناصبه :

شهد عليه ،يخطب بالفرنسية في مؤتمر المستشرقين في أكسفورد وهو في لباسه الوطني : عمامة صفراء وزنار عريض وسراويل مسترسلة ومعطف من صنع بلاده ،فأُخذ من هناك بسحر بيانه ،واتساعه في بحثه .
كان الدكتور ابن ابي شنب يحسن عدة لغات إلى جانب العربية والفرنسية ، كالفارسية والألمانية ،والإيطالية ،والإسبانية ،والتركية ،واللاتينية والعبرية ،لذا يرجع إليه الفضل في تكوين نواة لقسم الأدب المقارن ، حتى وإن لم يكن موجودا آنذاك ،لأن الجامعة الجزائرية كانت تخضع للنظام التعليمي الفرنسي ،غير ان بن أبي شنب (رحمه الله) ،يعدَ أول باحث جزائري اهتم باللغات وبالترجمة ،وبالتالي بالانفتاح على آداب الشعوب الأخرى، دراسة وتعليما وترجمة.
ولا يمكننا الحديث عن تدريس الأدب المقارن بدون الرجوع إلى اجتهاداته لأنه كان الوحيد القادر على الإنتاج في ميدان الأدب المقارن.
ونظم الشعر و نشر الدراسات العديدة ومنها ماهو في صميم الأدب المقارن، كالدراسة التي نشرها في «المجلة الإفريقية» سنة 1919 م بعنوان «الأصول الإسلامية للكوميديا الإلهية لدانته» .

مؤلفاته :

ألف أكثر من 50 كتاباً في تخصصات شتى كانت متداولة عند العرب والغربيين وفي العادات والتقاليد وقد أعاد الحياة لبعض المؤلفات بالنشر حقق في بعضها كانت منها :
عناوين لمؤلفاته الشخصية :
1. تحفة الأدب في ميزان أشعار العرب 1906 و 1928
2. شرح لمثلثات قطرب 1906.
3. أبو دلامة وشعره وهو أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه التي حصل عليها سنة 1924
4. الأمثال العامية الدارجة في الجزائر وتونس والمغرب 3 أجزاء 1907.
5. الألفاظ الطليانية الدخيلة في لغة عامة الجزائر (لم يطبع)
6. فهرست الكتب المخطوطة في خزانة الجامع الأعظم بالجزائر 1909.
7. معجم بأسماء ما نشر في المغرب الأقصى (فاس) من الكتب ونقدها 1922.
8. خرائد العقود في فرائد القيود 1909.
9. الكلمات التركية والفارسية المستعملة في اللهجة الجزائرية
تحقيقاته في مؤلفات غيره :
1. البتسان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان لابن مريم التلمساني عام 1908
2. عنوان الدراية فيمن عرف من علماء المائة السابعة في بجاية للغبريني 1910
3. الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية 1920
4. الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية
5. تعليق على : وصايا الملوك وأبناء الملوك من أولاد الملك قحطان بن هود النبي.
6. شرح ديوان عروة بن الورد لابن السكيت 1926
7. طبقات علماء أفريقية لأبي ذر الخشني ترجم للفرنسية 1915
8. ترجم إلى الفرنسية رسالة للإمام الغزالي في رياضة الأولاد وتربيتهم نشرت بالمجلة الإفريقية "la revue africaine" سنة 1901.
9. الجمل تأليف الزجاجي
مؤلّفات وتحقيقات :
1 ـ تحفة الأدب في ميزان أشعار العرب, 1906 و 1928م.
2 ـ شرح لمثلثات قطرب 1906م.
3 ـ أبو دلامة وشعره، وهو أطروحته للدكتوراة التي حصل عليها سنة 1924م، حيث قدمها مع أطروحة أخرى هي الألفاظ التركية والفارسية الباقية في اللهجة الجزائرية.
4 ـ الأمثال العامية الدارجة في الجزائر وتونس والمغرب، ثلاثة أجزاء 1907م.
5 ـ الألفاظ الطليانية الدخيلة في لغة عامة الجزائر، (مخطوط).
6 ـ فهرست الكتب المخطوطة في خزانة الجامع الأعظم بالجزائر 1909م.
7 ـ معجم بأسماء ما نشر في المغرب الأقصى فاس من الكتب ونقدها 1922م.
8 ـ خرائد العقود في فرائد القيود 1909م
9 - رسالة في المنطق
10 - مجموع أمثال العوام في أرض الجزائر والمغرب
11 - رحلة الورتلاني
الكتب والمؤلفات :
وصحّح 1 ـ البستان 1908م.
2 ـ عنوان الدراية 1910م.
3 ـ الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية 1920م.
4 ـ الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية.
5 ـ طرس الأخبار بما جرى آخر الأربعين من القرن الثالث عشر للمسلمين مع الكفار ،وهو من تأليف الشيخ محمّد العربي المشرقي الغريسي.
6 ـ وصايا الملوك وأبناء الملوك من أولاد الملك قحطان ابن هود النبي مع تعليقات عليه.
7 ـ شرح ديوان عروة بن الورد لابن السكيت 1926م
مواقفه :
عرف ابن أبي شنب بتواضعه ،وسعة إطلاعه وحسن معاملته للناس، وفي هذا الصدد تتردد حوله النادرة التالية: « كان في يوم من الأيام في القطار متوجها إلى مسقط رأسه إلى الجزائر العاصمة للإشراف على امتحانات الثانوية العامة، أي الباكالوريا، وإذا بشابين أوروبيين يجلسان جنبه في عربة القطار، وبدءا يسخران منه ومن لباسه التقليدي، فلم يهتم بهما لأنه كان يواصل تفحص ملفاته، وفي صباح الغد، وجد الشابان نفسهما أمامه، ففوجئا، لأنه أشرف على امتحانهما الشفوي، ولم يقل لهما أي شيء، أما هما فقد اعتراهما الخجل لما بدر منهما حينما التقياه في القطار. هذه النادرة تبين مدى تسامحه وتواضعه.
ومما امتاز به المرحوم محافظته على الزي الوطني والأخلاق والعادات والتقاليد الجزائرية، والتزامه التكلم بلغته العربية، حتى خيل الى الناس أنه لم يكن يحسن اللغة الفرنسية تماما، وكان من يراه لايخطر بباله أنه من أكبر علماء الجزائر.
صلة الوصل بين الشرق والغرب :
فرض دور محمد بن أبي شنب (رحمه الله) نفسه في الأوساط الثقافية في الجزائر و خارجها، وكانت له علاقة وطيدة مع الكثير من الكتاب العرب و المستشرقين والمهتمين بالثقافة العربية.
أتى في ظرف تاريخي معين جعله يركز كل جهده على البحث والكتابة. ومن خلال قراءتنا للمادة المتوافرة، برغم من قلتها، وجدنا في فكر محمد بن أبي شنب (رحمه الله) فكرا أكاديميا متكاملا، فقد اهتم بالتراث الشعبي الجزائري ،واللهجة المحلية النمطية والاهتمام بالتراث العربي الإسلامي بالاضافة إلى دراساته الأكاديمية الاخرى.
يطرح البحث عن العلامة محمد بن ابي شنب (رحمه الله) تساؤلات حول عدم اهتمام الباحثين الجزائريين خاصة والعرب عامة به ، وهو الذي شكل حلقة وصل بين البحث الأكاديمي الفرنسي و البحث الأكاديمي العربي .
وسنرى انه تطرق إلى مواد معرفية مختلفة، وكانت اللغة الفرنسية تحاصره، لانه كان مضطرا للكتابة بها، لاسيما ان الجزائر كانت قد تعرضت للاستعمار لمدة اكثر من 130 سنة، فلم يكتف الاستعمار بنهب خيرات البلد والتسلط عليها فحسب، بل سعى إلى افراغ الشخصية الجزائرية من اصالتها الوطنية ،والقومية ،مستعملا كل الاساليب والوسائل ففرض تعليم اللغة الفرنسية و «فرنست» كل مجالات الحياة الادراية و التعليمية و فرض على الشعب الجزائري الكتابة والتعليم بلغته، بل فرض عليه دراسة تاريخ فرنسا وتراثها فكان كل من يريد ان يتعلم العربية ويدافع عنها يجد صعوبات جمة في تحقيق هدفه .
هذا بالضافة إلى الاتجاه الاستعماري في بحث وجمع مواد الثقافة والعلوم بجميع اصنافها في الجزائر.
ولم ينتهي هذا الاتجاه بانتهاء واقع الاستعمار، إذ أن تأثيره ظل فاعلا بالنخبة المثقفة من ابناء الجزائر سواء خلال الفترة الاستعمارية أم في فترة ما بعد الاستقلال، كما نرى في كتابات بعض افراد هذه النخبة الذين ظهرو اواخرا القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وهم أولئك الذين انتموا إلى الحركة الثقافية والعلمية التي نشطت في تلك الفترة والتي مثلت الوجه شبه الرسمي للمؤسسة الثقافية الجزائرية، حيث عالج الدكتور أبو القاسم سعد الله على سبيل المثال، في كتابة «تاريخ الجزائر الثقافي» هذه الاشكاليات بالبحث والتنقيب وخصص لها عدة اجزاء، كما تكلم فيه عن الأدباء والعلماء والمثقفين الجزائريين الذين عاصروا مختلف تلك المراحل ومن بينهم طبعا العلامة محمد بن ابي شنب (رحمه الله) الذي ولد وسط هذه الأجواء ، بمدينة المدية الواقعة على بعد 90 كيلومترا جنوب الجزائر العاصمة .

قيل عنه :

-أستاذه الشيخ عبد الحليم بن سماية: ما علمت في حياتي كلها معلما يرجع إلى تلميذه غيري و إنني معترف له بالفضل و النبوغ.
-أستاذ احمد راسم: لقد كان معجما لغويا يمشي على وجه الأرض.
-M. Maritino عميد كلية الآداب في جامعة الجزائر: كان بن أبي شنب قليل النظير في الجزائر فهو عديم المثال في فرنسا... و كانت حياته مما يضرب بها الأمثال لدى الحكومة الفرنسية. وقال أيضا عنه: «إن السيد ابن أبي شنب كان صوت الأديب المسلم الذي عرف كيف يطلع على الأساليب الأوروبية في العمل من دون أن يفد شيئا من صفاته وعاداته[…] وعرف لوازم النقد العلمي وقد حضي بالاعتراف بقدرة، ففي العام 1920 انتخبه المجتمع العلمي بدمشق عضوا من أعضائه، وفي العام 1922 قلدته حكومة الجمهورية الفرنسية وسام فارس جوقة الشرف. وكان يمتاز بصفات تجعل كل من يعرفه يكنَ له المحبة والتقدير، فقد كان بخاصة كريم النفس، متميز العقل، عفيف اللسان في الإفصاح عن العواطف والاتزام بالاستقامة التامة.
-المستشرق الفرنسي ألفريد : كان ابن ابي شنب مخلصا لدينه ، ومتمسكا بلباسه التقليدي، و لكي لا يتنكر لتقاليده الإسلامية لم ير من الواجب أخذ الجنسية الفرنسية مما يجبره على التخلي عن الشرائع الإسلامية وعن منزلته الشخصية.
- الباحث الجزائري الدكتور عبد المجيد حنون يقول:«كان محمد بن أبي شنب (رحمه الله) مستشرقا قبل كل شيء، إلا أنه كان أول أستاذ جامعي جزائري، من جهة، ومتعدد اللغات من جهة ثانية. درس الأصول الإسلامية في الكوميديا الإلهية لدانته في بحث له بالفرنسية طبعه سنة 1919م. بحث في أصول العديد من القضايا اللغوية و الأدبية، فكان بذلك الانفتاح على الغير حتى وإن كان من الصعب أن نعده مقارنا.
_ صديقه وأستاذه جورج مارسه:( كنا نرجع إليه ونستضيء بضيائه وكنا نناديه ،شيخنا ، فإنه كان يجمع إلى صفات العلم والعالم الحقيقي صفات الصلاح والطيبة )
_ أما الشيخ شيخ عبد الرحمن الجيلالي فقد نعاه قائلا “يبكيك العلم والأدب، وتبكيك المنابر والمجالس التي كانت تزهو على غيرها بلذيذ دروسكم الشيقة، ومحاضرتكم الرائقة، وما علينا في الحال إلا بالصبر والدعاء لك، والله يستجيب ويجازيك يا حضرة الأستاذ خيرا عميما، ونعيما في فراديس الجنان مقيما، ويرزق أهلك وتلامذتك ومحبيك الصبر الجميل، والأجر الجزيل.

إنتاج شعري
كتب ابن أبي شنب الشعر الملحون، كما كتب الشعر المقفى، ونظَم عدة القصائد في الجزائر في مدح بلدته وفي أغراض أخرى. وحثَ على تزود بالعلم .

وفاته :

كان محمد بن أبي شنب صورة الأديب والعالم المسلم الذي عرف كيف يطلع على الأساليب الأوروبية في العمل دون أن يفقد شيئا من صفاته وعاداته، وأورثته سعة علمه زهدا وتواضعا ورغبة في تلبية كل طالب علم قصده في مسألة أو قضية.
ولم ينقطع ابن أبي شنب عن الدراسة والتحقيق وإلقاء المحاضرات في قاعات الدرس حتى وفاه الأجل المحتوم عن عمر يناهز 60 سنة وهذا يوم الثلاثاء 26 من شعبان 1347 ه الموافق ل 05 فبراير 1929 م وهذا إثر مرض أدخله المستشفى "مصطفى باشا" و ووري التراب (رحمه الله) بمقبرة سيدي عبد الرحمن بالجزائر العاصمة .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق