الأربعاء، 15 أبريل 2015

الشيخ محمد بلقايد الحسني الإدريسي ، التلمساني

الشيخ محمد بلقايد
 الحسني الإدريسي ، التلمساني 
''رحمه الله''





الولـي الذاكـر ،ذي النسب الزاهر ،سيدي محمد بلقايد ،السيد الشريف ،الإدريسي ، الحسني ،العلوي ،الفاطمي ، المحمدي ،التلمساني ''قدّس الله سرّه'' أفضالٌ موهوبة ،ومزايا مكسوبة ، أسكنتهم السماء في عنانها ،ودثرتهم الكواكب بأنوارها ،أبت أشعة الشمس وأضوائها إلا أن تكون لهم ،كرسياً وأريكةً ،قوس قزح رايتهم ،وفلق الصبح تبسمهم ،ومايعقبه تنفسهم ،كرمهم انهمار المطر بعد قحط ،أو بحرٌ ليس له شط ،هم ذرية العترة ،وللجزائر سترة ،وللزهد والتقوى والورع سفرة ،سيدي محمد بلقايد وأبنائك وأهلك ومريدوك ،قليلٌ هذا في حقكم ،وأنتم من أنتم ،ثمار الشجرة الطيبة ،وجوهرة الفقه المالكي ،تعهدتموه حرصاً وحفظاً وحمايةً ،فكان له اليد الطولى ،لتماسك الشعب الجزائري ،بل في انشداده الى الإسلام ،أكثر من ذلك ،مناعة وحصناً ،ضد الذوبان ، والتميع ،والتسيب ،بالنظر الى المراحل الصعبة ،التي مر بها الشعب الجزائري أثناء فترة الإستدمار ،من نافل القول أن نذكر بدرع العقيدة الأشعرية ،وسيفها البتار ،بالمعنى البرهاني والحججي طبعاً ،ورشاقة وأناقة ،وتأنق وتألق ،تصوف الجنيد السالك ،محبة غامرة ،تشمل الخلق ،وتسامحٌ فائضٌ يأتي على ناشئة التعصب قبل أن تستوي خاطرة ،فضلاً عن أن تتشكل فكرةً ،مكتملةً ،واضحةً ،قابلةً للتصريف ،أوصالحة ،كعملة للتداول وشوقٌ الى اللقاء المنتظر ،يكابد المؤمن لوعته ،وشعوراً بالفقد ،يجمع الذات ويلمها ،ولايترك لها ثغرةً أو منفذاً ،يأتي منه من يخترق حرمها ،ويفسد عليها جمعيتها .

ولد الشريف سيدي ، محمد بلقايد ( رضي الله عنه ) بجوهرة الغرب الجزائري ، منطقة تلمسان ، (تلمسان هي منطقة تقع شمال غرب الجزائر ،غرب الجزائر العاصمة ، يحدها شمالا البحر الأبيض المتوسط وجنوبا ولاية النعامة وشرقا ولايتي عين تموشنت ،وسيدي بلعباس ، وغربا المغرب الأقصى. وهي التي تلقب بـ "لؤلؤة المغرب الإسلامي الكبير"، هي مركز ولاية تلمسان وعاصمتها ،وتعتبر ثاني مدينة من حيث الأهمية في الغرب الجزائري بعد مدينة وهران ، لها ماضي مجيد ومزدهر، ذات المعالم أندلسية متأصلة ،في العالم الإسلامي ، ولها مواقع طبيعية خلابة تعتبر منطقة تلمسان "مدينة الفن والتاريخ" كما كان يسميها جورج الفريد مارصي و هو مستشرق فرنسي ولد في رين يوم 11 مارس سنة 1876 م وتوفي في باريس يوم 20 مايو عام 1962 م) جاء الشريف محمد بلقايد (رضوان الله عليه) الى هذه الدنيا الفانية ،سنة ,1911 م ،في أسرة علمائية ،ينتهي نسبها الى الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) .

نسبه :

يننتهي نسب الشريف سيدي محمد يلقايد (رضي الله عنه) إلى ياقوتة الأنام سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء (رضي الله عنها) ، بنت الحبيب المصطفى وبضعته (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإلى باب مدينة العالم ،الخليفة الراشد سيدنا ومولانا أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (كرّم الله وجهه ورضي عنه وأرضاه) ·
ويمتد نسبه الروحي من حيث طريق القوم إلى سيدي محمد الهبري المتصل السند بمولانا العربي الدرقاوي، عن سيدنا أبي الحسن الشاذلي، عن سيدنا عبد السلام بن مشيش (رضي الله عنهم) وعن إخوانهم أجمعين·

ترعرع في بيت العزّ والشرف و اسرة العلم والتقوى والورع ،فحفظ القرآن الكريم في الثالثة عشرة من عمره الشريف، وارتوى من معين علمي الشريعة والحقيقة ، عن طريق علماء أجلاء بحاضرة تلمسان، وعن والده وجدّه (قدس الله سرهم أجمعين) ، وكانت له، في طلب العلم جولات ،وسياحات روحية ،عبر حواضر الوطن، وبلدان المغرب والمشرق العربيين، فأجازه الكثير من المشايخ الشوامخ، وتصدى للتربية الروحية في تواضع العارفين بالله تعالى ، فكان أهلا لها، وارتوى من ورده خلق كثير، إذ له أتباع في عدة جهات من المعمورة حيث طبقت شهرته الآفاق، ومن مريديه من هم ذائعو الصيت، ما زالت علومهم عن طريق مؤلفاتهم و- دروسهم المتلفزة والمذاعة - تشفي الغليل، أمثال العلاّمة الفهامة الشيخ سيدي متولي الشعراوي (رضي الله عنه)، الذي يظهر في الصورة المرفقة يجثو إجلالا لسيدي بلقايد، واعترافا بفضله وشكرا لله سبحانه وتعالى القائل عزّ من قائل: ''ولا تنسوا الفضل بينكم''، واقتداء بالحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) القائل:''من لم يشكر الناس لم يشكر الله''·

وقد أشفع الشيخ الشعراوي الفعل بالقول إذ منّ الله تعالى عليه - عقب خروجه من خلوة الشيخ بلقايد بسيدي عفيف (رضي الله عنه) بتلمسان - بقصيدة عصماء ستظلّ عربون وفاء، وعنوان تقدير وثناء، أبرز فيها مزايا الطريقة الهبرية وسجايا المنتسب إليها، والممثل لها سيدي محمد بلقايد (رضوان الله عليه) .

ويقول فيها:

نور الوجود وريُّ روح الوارد * هبرية تدنـي الوصـول لعابـد
تزهـو بسلسلـة لهـا ذهبيـة * من شاهدٍ للمصطفى عن شاهـد
طَوَّفتُ في شرق البلاد وغربها * وبحثتُ جهدي عن إمام رائـد
أشفي به ظمـأ لغيـب حقيقـة * وأهيمُ منه في جـلال مشاهـد
فهدانيَ الوهـابُ جـلّ جلالـه * حتى وجدت بتلمسان مقاصـدي
واليوم آخذُ نورها عن شيخنـا * محيِ الطريـقِ محمـد بلقايـد
ذقنا مواجيـد الحقيقـة عنـدهُ * وبه عرجنا في صفاء مصاعـد
عن شيخه الهبري درِّ كنـوزه * فاغنم لآلئـهُ وجـدّ وجاهـد
دنـدنْ بمـا لُقِّنتَـه مـن ورده * بصفاء نفـس متيّـم متواجـد
إيّاكَ من لفـتِ الفـؤادِ لغيـره * واجعل سبيلكَ واحـداً للواحـد
شاهد رسـول الله فيـه فإنّـه * إرثٌ توُورثَ ما جدا عن ماجـد
فإذا وصلتَ به لنور المصطفـى * فالمصطفـى لله أهـدى قـائـد
وهناك تكشِفُ كلّ سرّ غامـض * وتشاهد الملكوت مشهد راشـد
وإذا البصائرُ أينعـتْ ثمراتهـا * نالتْ بها الأبصارُ كـل شـوارد
لا تُلـقِ بـالاً للعـذولِ فـإنّـه * لا رأي قطُّ لفاقـد فـي واجـدِ
لو ذاقَ كانَ أحدّ منـك صبابـةً * لكنّـه الحرمـان لـجَّ بجاحـد
سر في طريقك يا مريد ولا تًعِرْ * أذناً لصيحـة منكـرٍ ومعانـد
لا يستوي عند العقولِ مجاهـدٌ * في الله قـوّامُ الدّجـى بالرّاقـد
اللهَ قلِ بحوى الهيـامِ وذرهـمُ * يتخبّطـونَ بكـل زورٍ فـاسـد
ثابر أخَيَّ علـى تجـارة رابـحٍ * واترك لحزبهمُ تجـارة كاسـد
اللهُ قصدكَ و الرّسولُ وسيلـةٌ * وخطاك خلـف محمـد بلقايـد

وستظل زاويته العامرة في سيدي معروف (رضي الله عنه) بوهران مقصد طلاب العلم، ومجمع العلماء لاسيما بعد ازديانها بسلاسل الدروس المحمدية التي تنوّر الفضاءات الثقافية في الجزائر وفي العالم الإسلامي مشفوعة بنفحات شهر رمضان المعظم ومقرونة ببركاته وخيراته، فالحمد لله والشكر لله·

توفي سيدي محمد بلقايد الإدريسي الحسني التلمساني (رضي الله عنه) بمدينة وهران يوم الجمعة 28 ربيع الثاني 1419 هـجري الموافق ل 21 أوت .1998ميلادي
و دفن في مقبرة العالم الربّاني سيدي السنوسي (رضي الله عنه) بمنطقة تلمسان .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق