الشيخ عبد الحليم بن سماية (رحمه الله)
هو العلامة الشيخ عبد الحليم بن سماية (رحمه الله تعالى) ، من كبار علماء الدين في المغرب العربي في زمانه ،فقيه مجتهد ، ومحدث حافظ ،وعارفٌ صوفي ، وشاعر جزائري ، ولد بالجزائر العاصمة ، في سنة 1283هـجري قمري ، الموافق لـ عام 1866 ميلادي ، حفظ القرآن العظيم ، على يد الشيخ حسين أبو شاشية (رحمه الله) ، وأخذ علوم اللغة العربية والفقه واصوله ،وعلم الكلام ،على والده ، كما درس علم المنطق ، والبلاغة على الشيخ الطاهر تيطوس (رحمه الله) ، والحساب والفرائض ،على صهره علي بن حمودة (رحمه الله) وكان الشيخ عبد الحليم بن سماية (رحمه الله) يحسن اللغة الفرنسية ، كما كانت له معرفة باللغة العبرية ، وقد كان كثيرًا ما كان يُناظر أحبار اليهود ، ورهبانهم ، ويسوق لهم الأدلة والنّصوص من كتبهم ،وبلسانهم ، كان من أشد الناقمين على الاستعمار الفرنسي ، عمل صحفيا في عدد من الصحف الجزائرية ، والتونسية ،و له عدة كتب في الفقه والمنطق والفلسفة ،والتصوف ، ولكن معظمها مفقود ، ويُعَد الشيخ عبد الحليم بن سماية (رحمه الله) ، مقدًّم الطريقة التجانية بالجزائر العاصمة ، ومن صفوة العرفاء الصوفيين في الجزائر ، و قد كانت له، (رحمه الله تعالى) ، علاقات وطيدة ،وتبادل الرّسائل ، ببعض رجال الطريقة التجانية ، منهم العلاّمة الكبير المقدم علي بن عبد الرّحمن (رحمه الله) ، مفتي وهران ، وكان الشيخ (رحمه الله) أحد المعجبين بآراء الشيخ محمد عبده (رحمه الله)، فكان مرافقًا له ،بل من أعز أصدقائه ، حيث نزل هذا الأخير بداره ، عند قدومه الى الجزائر سنة 1903 ميلادي ، وقد أشاد به كثيرا ، الشيخ محمد عبده (رحمه الله) ، وقد اشتهر الشيخ بن سماية (رحمه الله) ، بكرهه الشّديد للفرنسيين، ووقف ضدّ التجنيد ،رفقة بعض الشّخصيات، وكان ينتقل في مدينة الجزائر العاصمة ،وما حولها على حصان أصيل رمزًا للفروسية ، وتذكيرًا للشّاهدين بالأمجاد السّابقين ، وكان كثيرًا ما يتقلّد سيفه ، تعبيرًا عن إبائه ، وكان شديد الاحتقار لأولئك الجزائريين ، الّذين فضّلوا أن يكونوا خدّامًا لفرنسا على أن يكونوا أسيادًا ، فكان يُسمِّيهم ''الخُشُب المُسَنَّد''.
قيل أنه أصيب بالجنون في أخر حياته ، حيث إتخذ فرسا أبيضا ، وسيفا ، وعمامة ، وعين نفسه باشا الجزائر ، أي حاكما عثمانيا ، وهذا مما يدل على كرهه الشديد للمحتل الفرنسي الغاصب ، وذكر الدكتور احمد توفيق المدني ، أنه لقيه على هيئته هذه ، وهو على فرسه ،فطلب منه أن يعلمه شيئا من علم المنطق ،فقال له الشيخ (رحمه الله) خذ ورقة وقلم ، فأملى عليه كما قال ، خلاصة وافية لعلم المنطق ، حتى تعب هذا الأخير ،وتوقف من الكتابة ،بعدما تجاوز العشر صفحات .
مؤلفاته :
وللشيخ عدةّ مؤلفات، منها :
رسالة اهتزاز الأطواد والربى من مسألة تحليل الربا، ورسالة في التوحيد ،والرد على شبه المبطلين والملحدين، والكنز المدفون والسرّ المكنون، وكتاب فلسفة الإسلام ، وله أيضًا عدّة مقالات كتبها في الصحف والمجلات العربية، إلى جانب عدّة قصائد .
وفاته :
توفي ليلة الخميس ،الخامس من شهر رمضان الفضيل ، من سنة 1351هـجري قمري ، الموافق لـ 2 جانفي (يناير / كانون الثاني) عام 1933 ميلادي ، وشيّعت جنازته في جمع غفير، ورثاه على قبره بعض شيوخ المدرسة ، وطلابها ، وبعض السياسيين، وضريحه بجانب ضريح الشيخ العلامة ،و المفسر الكبير ، عبد الرّحمن الثعالبي (رضي الله عنه) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق