الجمعة، 24 أبريل 2015

زاوية ڤجال

زاوية ڤجال


نبذة عن زاوية قجال :

زاوية قجال ،والتي  تسمى أيضاً بزاوية بن حمادوش، لها أكثر من تسعة قرون بالتاريخ الهجري ،وتؤكد ذلك الوثيقة التي تحدد القرن الخامس الهجري ،كتاريخ لتخصيص السيد محمد الكبير ، أحد أحفاد سيدي مسعود ،بأراضي محبوسة عليه من قبل سلاطين المحروسة الجزائر ، و تذكر أنه خصص زاويته ببعض الأراضي ، أما الوثيقة الثانية فمؤرخة في أواسط ذي القعدة عام ثمانية و ثمانين و ثمانمائة هجرية 888 ه 1483 م ، ووثقية ثالثة يعود تاريخها إلى شهر شوال سنة 931 ه 1524 م ،أما الوثيقة الرابعة فهي أوضح من الوثائق السابقة و مؤرخة في 1230 ه 1815 م ،و تحدد الأراضي الفلاحية الموقوفة على الزاوية ، ليس هناك تاريخ بعدد الفترات التي تم فيها تجديد الزاوية ، لكن يمكن التأكيد على أنها تعرضت للإهمال ، والهجر لعشرات السنين ،كما تعرضت للهدم ،و مصادرة أموالها ،و أوقافها ،و نهب مكتباتها ، ووثائقها ،و تصفية شيوخها ،مثل اغتيال الشيخ أبي عبد الله محمد بن إدريس ... ، وفي دراسات بعض المؤرخين ، أن موقع المسجد الحالي بقجال ، هو بالأساس موقع بناه الفاتحون الأوائل ، و في رواية أن الصحابي ،عبد الله بن الزبير ،كان ممن شاركوا في بناء المسجد ،و ترك أثر يده على الجدار القبلي للمسجد ، و بقي هذا الأثر قائما الى قدوم سيدي مسعود الحسني الى قجال ....




  

موقع زاوية قجال :

تقع زاوية قجال ،جنوب شرق مدينة سطيف ،وتبعد عنها بمسافة اثني كيلومتر ،يمر بجانبها الطريق الوطني الرابط بين ولاية سطيف ،و ولاية باتنة ، وهي موجودة ،ببلدية قجال ،الكائنة في دائرة قجال ، التابعة ادارية واقليمياً الى ولاية سطيف الجزائرية:....

 

التعريف بزاوية قجال :

 إن زاوية قجال هي إحدى أهم المعالم التاريخية لمنطقة سطيف ، إن لم نقل لمنطقة الشرق الجزائري ، والدليل على ذلك أن أقدم وثيقة بين أيدينا تشهد أن زاوية بن حمادوش ،التي كانت تسمى زاوية ڤجال لها أكثر من تسعة قرون بالتاريخ الهجري ، هذه الوثيقة تحدد القرن الخامس الهجري ، كتاريخ لتخصيص السيد محمد الكبير(أحدأحفاد سيدي مسعود الحسني) بأراضي محبوسة عليه من قبل سلاطين المحروسة الجزائر،وتذكر أنه خصص زاويته ببعض الأراضي ، أما الوثيقة الثانية فمؤرخة في أواسط ذي القعدة عام ثمانية وثمانين وثمانمائة هجرية(888 هـ/ 1483م) ، والوثيقة ثالثة يعود تاريخها إلى شهر شوال سنة ( 931هـ/1524 م ) ،أما الوثيقة الرابعة فهي أوضح من الوثائق السابقة ومؤرخة في ( 1230 هـ / 1815 م) ،وتحدد الأراضي الفلاحية الموقوفة على الزاوية ....

 

تأسيس الزاوية :

في كتب ،ودراسات المؤريخين ، أن تأسيس زاوية ڤجال (زاوية بن حمادوش) كان على عهد سيدي مسعود الحسني ، المعاصر لعبيدي الله المهدي ،مؤسس الدولة الفاطمية. وفي أوائل القرن السادس الهجري، تم تجديدها على يد أبي عبد الله ، سيدي محمد الكبير ،حفيد سيدي مسعود الحسني ،بعقد موقع من قبل العلامة الفقيه المالكي البارز أبي بكر محمد ،المعروف بابن العربي ،والذي عاش بين سنتي ( 543/468 هجرية) و ينص العقد على العقيدة ،والمذهب المعتمدين ،في التعليم بالزاوية ،وهما العقيدة الأشعرية ،والمذهب المالكي . و في بعض الروايات التاريخية ، وفي الخبر الشفوي المنقول عن أعيان ،وشيوخ ،وعلماء المنطقة (قجال) ، بما فيها رواية عن أجداد عائلة بن حمادوش ،الذين توارثوا الإشراف على الزاوية ،عن جدهم الأكبر سيدي مسعود الإدريسي الحسني القجالي ،أن موقع الجامع الحالي بقجال ، هو بالأساس موقع بناه الفاتحون الأوائل ، و وجد في بعض الدراسات ، أن الصحابي ،عبد الله بن الزبير ،كان ممن شاركوا في بناء المسجد ،و ترك أثر يده على الجدار القبلي للجامع ، و بقي هذا الأثر قائما الى قدوم سيدي مسعود الحسني الى منطقة قجال ....



التجـديـد ومراحله :

في الواقع ليس لدينا تاريخ بعدد الفترات التي تم فيها تجديد الزاوية ،لكن يمكن التأكيد على أنها تعرضت للإهمال والهجر لعشرات السنين كما تعرضت للهدم ومصادرة أموالها وأوقافها ونهب مكتباتها ووثائقها وتصفية شيوخها ( اغتيال الشيخ أبي عبد الله محمد بن إدريس . واغتيال الإخوة السبعة حسب رواية عائلية) ( والاعتداء على سيدي محمد الكبير وابن عمته من طرف المدعو الموهوب دغاش الذي تمت إدانته من طرف مجلس العلماء سنة 1192 هجري). لقد عاشت المنطقة فترة اضطرابات وصراعات لا تنقطع بين العروش والعائلات والقبائل و صراع العرب مع الأتراك ( معركة ڤجال بين جيش العرب بقيادة أحمد بن الصخري والجيش التركي التي بقيادة مراد باي التي سبقت الإشارة إليها ).فاضطر شيوخ الزاوية إلى مغادرتها نائين بأنفسهم وعائلاتهم عن الدخول في الصراع القبلي المقيت، ( هجرة الشيخ سيدي أحمد الملقب بسيدي علي أو أحمد بن حمادوش إلى المغرب، وانتقال الشيخ الصديق حمادوش إلى بلاد بوغنجة بأولاد صابر). هذا فضلا عن الفترة الاستعمارية التي تعرضت فيها الزاوية إلى مصادرة أوقافها من الأراضي الفلاحية التي تشهد عليها وثائق الزاوية التي حددت أملاكها باسم بلاد سيدي مسعود قبيل الغزو الاستعماري الفرنسي بعدة سنوات . وعلى هذا يمكن أن نتحدث عن عدة فترات من التجديد الذي خضعت له الزاوية من خلال الوثائق التي تنص على تنصيب الشيوخ باعتبار ذلك استئنافا لأداء دورها التعليمي والإصلاحي وهي كالتالي :

 

 

 

التجديد الأول :

تم في سنة 888 هجري الموافق لسنة 1483 ميلادي بعقد موقع من طرف الإمام العلي المطاع أبي يحيا زكرياء ( من أمراء الدولة الحفصية ) يفوض للشيخ أبي عبد الله محمد بن إدريس بتسيير زاوية ڤجال وأحباسها.

التجديد الثاني :

تم في سنة 931 هجري الموافق لسنة 1524 ميلادي على يدي الشيخ أبي عبد الله محمد بن صالح بعقد موقع من طرف الإمام المجاهد أبي العباس أحمد بن محمد . وقد شهدت زاوية ڤجال في هذه الفترة نهضة علمية شارك فيها الشيخ العلامة الكبير سيدي عبد الرحمن الأخضري كما سيأتي لاحقا .

التجديد الثالث :

تم في سنة 1211 هـ الموافق لسنة 1795 م على يدي سيدي محمد الكبير. وبعد وفاته تولى مشيخة الزاوية المجاهد الشيخ الطاهر بن حمادوش الذي شارك في مقاومة الاستعمار الفرنسي الغاشم سنة 1871 . وتمت معاقبته بمصادرة أراضيه الفلاحية الخاصة .

التجديد الرابع :

وتم على يد الشيخ الصديق بن الشيخ الطاهر بن حمادوش بداية من سنة 1857م ،الذي استطاع أن يستعيد المبادرة ويفتح الزاوية لتحفيظ القرآن الكريم والتعليم الديني ؛ كان الشيخ الصديق بن حمادوش عالما جليلا وصوفيا ربانيا ومعلما ناصحا ، تخرج على يده أكثر من ستين فقيها منهم من فتح زاوية كالشيخ المختار بن الشيخ ، والشيخ الطيب بن الكتفي والشيخ المنور مليزي، والشيخ علي الحامدي ، والشيخ رحماني عبد الرحمن ومنهم من اشتغل قاضيا في محاكم الشريعة الإسلامية، ومنهم من اشتغل مفتيا أو إماما فسدوا بذلك فراغا هائلا في المحاكم الشرعية التي كان الاستعمار يريدها فرنسية خالصة ،وعمروا مساجد كان يريدها خاوية على عروشها .وبهذا سجلت زاوية ڤجال حضورها على مستوى كل من المقاومة المسلحة من خلال الشيخ الطاهر بن حمادوش وحضورا قويا على مستوى الجهاد الثقافي أو الممانعة الثقافية من خلال الشيخ الصديق بن حمادوش .

التجديد الخامس :

وتم على يد الشيخ محمد الصديق بن الطيب حمادوش وإخوته سنة 1936 م ، فاستعادت الزاوية نشاطها العلمي على يدي الشيخ المختار بن الشيخ بين سنتي (1936 م إلى 1944 م) وبعد وفاته استخلفه الشيخ محمد بقاق لأكثر من سنتين (1945 م إلى سنة 1947م ) .

التجديد السادس :

وتم على يد الإمام الشهيد عبد الحميد حمادوش سنة 1950م بعد أن أنهى دراسته بجامعة الزيتونة بتونس وعاد إلى أرض الوطن ، فقام بإصلاحات معتبرة في الزاوية واستأنف التدريس بها لعدد من الطلبة الذين كان وإياهم على موعد مع الثورة المباركة ، فاستشهد منهم من استشهد , ومن بقي منهم رفع تحدي التعليم العربي بعد الاستقلال من خلال مدرسة ڤجال والمدارس الرسمية

التجديد السابع :

وتم بعد الاستقلال أي في صيف سنة1962م حيث انطلقت محاولة أولية للتدريس بالزاوية، قام بها الشيخ القريشي مدني بطلب من الشيخ أبي محمد الصغير ,محمد الصديق بن الطيب حمادوش. وتبعتها محاولة أخرى قام بها الشيخ الحسين مؤمن ولكنها لم تستمر . وفي بداية العام الدراسي/1963) 1964 ) استأنفت الزاوية عملها تحت اسم مدرسة الشهيد عبد الحميد حمادوش بإشراف الشيخ محمد الصديق بن الطيب حمادوش وتسيير الجمعية الدينية برئاسة البشير ڤزوط .وكان من أبرز أساتذتها الشيخ القريشي مدني، والشيخ إسماعيل زروڤ . ومن فلسطين الأساتذة ذيب كنعان ، ويعقوب قرعاوي ، وتيسير محمد سعيد وغيرهم في هذه الفترة أخذت الزاوية صبغة مدرسة حرة أكثر منها زاوية ذات خط وطريقة ومنهج في التربية والتعليم وتوقف التعليم القرآني بها،ولكنها أدت دورا رائدا في تعليم أبناء المنطقة وولاية سطيف فتخرج منها العشرات بل المئات من المعلمين والمدرسين والأساتذة والموظفين وفي سنة 1976 جاء مشروع توحيد التعليم بإلغاء المدارس الحرة والزوايا فتسلمت مديرية التربية مدرسة الشهد عبد الحميد حمادوش التي أصبحت تحمل اسم إكمالية عبد الحميد حمادوش ،وحلت الجمعية وبقيت الزاوية معطلة خالية بلا تعليم قرآني ولا شرعي إلا من الشيخ رابح عيادي الذي ظل محافظا على الآذان وإمامة الناس في الصلاة بدون أجر يذكر حتى توفي رحمه الله .

التجديد الثامن :

في سنة1981لم تكن الظروف تسمح باستئناف الزاوية عملها لانعدام المرافق الضرورية وحاجة الناس إلى رفع اللبس عن الزاوية ورسالتها التعليمية التربوية ودورها الإصلاحي في المجتمع ، حيث وصمت بوصمة الدروشة والخرافة ، وصنف أهلها في عداد الطابور الخامس لخدمة الاستعمار الفرنسي ظلما وعدوانا. فكان لابد من انتظار الوقت المناسب لرفع ما علق بمفهوم الزاوية وإعادة الوعي للناس بهذه المؤسسة التقليدية التي تختزن العمق الثقافي والتاريخي لتراث الأمة وتجربتها الجهادية في الميادين الدينية والتعليمية والاجتماعية والإصلاحية وفي حماية الثغور والدفاع عن الأوطان . ولكن رغم ذلك لم ينتظر أهل الزاوية وتلامذتها القدامى طويلا بل بادروا إلى تكوين جمعية دينية للمسجد .( تولدت فكرة إنشائها ليلة زفاف السيدة زهية إحدى بنات الشيخ عبد الرحمن حمادوش بحضور كل من الأستاذ إبراهيم زروڤ - وصفيح المحفوظ - وكاتب هذه السطور- وعبد الوهاب حمادوش والأستاذ عبد المجيد حمادوش و الشيخ خالد حمادوش - و الشيخ محمد الفاضل حمادوش) وكانت الجمعية تتكون من (الشيخ الزبير حمادوش) - ومن الشيخ القريشي مدني -و الأستاذ محمد غجاتي - والأستاذ المحفوظ صفيح - وسي العربي حافظ – وحمو رحماني – وسي محمد ولد الشيخ الخير فاضلي–وعبد الحميد بوقزولة. وأقيمت أول جمعة بالمسجد كبداية لأحياء هذا المعلم التاريخي العظيم الذي كاد يندرس نهائيا، وهذه المنارة الدينية المشعة بالقرآن والشريعة التي ظلت مستعصية على الفناء وكان إمام الجمعة أحد طلبتها الأوفياء وخطيبها المفوه وأمير البيان بالمنطقة الشيخ القريشي مدني الذي ظل لسنوات يقدم بها دروسا في الفقه واللغة ، لطلبة كان أغلبهم يتكون من معلمين. في هذه الفترة تمت بعض الإصلاحات في الزاوية (مطهرة غرفة للتعليم القرآني ، توسعة في قاعة الصلاة ).كانت هذه التوسعة تمثل ضرورة ملحة لاستيعاب عدد المصلين المتزايد يوما بعد يوم من كل المناطق المحيطة بڤجال الذين كانت تربطهم بالزاوية علاقات روحية ودينية وتاريخية باعتبارها مؤسستهم التعليمية والتربوية وباعتبار شيوخها مراجعهم في الفتوى والإصلاح الاجتماعي . وكان الأمل معقودا على بناء مسجد جديد على قطعة الأرض الواقعة في الساحة الجنوبية للإكمالية ، التي كانت تعتبر ملكا للزاوية بحكم مجاورتها لها وحاجة الزاوية إلى التوسعة ، لكن هذا الأمل صادف ظهور أطماع في استغلال قطعة الأرض للمصالح الشخصية .حيث تم الاستيلاء على أكبر جزء من قطعة الأرض كما هو معروف لدى جميع أهل ڤجال فلا حاجة إلى تفصيل يثير الأحقاد . وقد من الله علينا بالزيارة المباركة التي قام بها السيد عبد الوهاب نوري والي ولاية سطيف برفقة السيد رئيس دائرة ڤجال إلى الزاوية في يوم الجمعة الأولى من شهر رمضان لسنة 1423. وتم من خلالها اتخاذ قرار استرجاع الإكمالية. وبعد خمس سنوات من ذلك القرار التاريخي هاهو مشروع المجمع الإسلامي لزاوية ڤجال ،ينطلق ، بعد أن تمت تسوية جميع الإجراءات القانونية والإدارية لتكون البداية بإنجاز المسجد الجديد الذي لطالما انتظره أهل المنطقة . وإن كان لابد من كلمة أختتم بها هذا الفصل، وأقولها للتاريخ ولكل الذين عرفوني شخصيا من خلال منبر مسجد الزاوية الذي واصلت العمل به لمدة ربع قرن من الزمن وفاجأهم مغادرتي له بدون سبب ظاهر في شهر أفريل من 2008: فإن ظروفا قاهرة جدا ومحيطا لم يعد يحتمل ،وأناسا لاصلة لهم بالعلم ولابالدعوة ولا حتى بالرجولة أعجبوا بأنفسهم وأموالهم وعلاقاتهم بأصحاب المال والجاه أحاطوا بالمسجد وجمعيته ، وسايرتهم في ذلك الهيئات الرسميية ،عملوا على تهميشي ،بداية من إخراجي من جمعية المسجد، ليواصلوا خطتهم الخبيثة من خلال الإساءات المتكررة بالغمز والهمز حينا وبالجهر بكلمة البغض لعائلتي التي نالها فضل الانتساب إلى آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينا آخر . هذا بالإضافة إلى مجموعة من الأفاكين الذين كان لاهم إلا أن يعلنوا الحرب علي ويجمعون حولهم الجموع للتخلص مني وإبعادي عن منبرالجمعة. وبمرور الأيام كنت أشعر أكثر بحالة التهميش تزداد وتزداد معها قناعتي بأنني أصبحت شخصا غير مرغوب فيه من قبل شريحة عريضة من الناس ، وكانت دعواهم مرة أنني شيعي ،وأخرى أن خطابي عالي المستوى ولا يناسب مستوى أهل القرية الذين يتكون أغلبهم من الفلاحين ،وثالثة أنني أتكلم في السياسة ....إلى آخره ،وليس الأمر كذلك أبدا وإنما هو الحسد والغيرة وإبعاد القريب وتقريب البعيد وهي صفات واضحة لرهط من سكان منطقتنا . فكانت قناعتي أن أترك المنبر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري . لتكون مهزلة حفل التكريم الذي أقيم بالزاوية شهر أفريل 2008 م . وكرم فيه من لا علاقة له بالزاوية ولا بالتعليم القرآني وأسقط فيه من أفنى عمره في خدمة الزاوية وإقامة الصلاة، كانت تلك المناسبة التي لم أحضرها آخر عهد لي بالمسجد ومنبره .


منهج زاوية قجال :

كان شيوخ زاوية قجال ،يتبعون ،العقيدة الأشعرية ، والمذهب المالكي  ،وتصوف الإمام جنيد السالك ، والإمام جنيد ، هو واحد من تلامذة العارف بالله معروف الكرخي (رحمه الله) ،أما الطريقة المتبعة الى يومنا هذا ، فهي الطريقة ،الرحمانية ، الحفناوية  ، الخلوتية ،البكرية ، و هي طريقة في التربية والتعليم ،و السير والسلوك ،مؤسس هذه الطريقة هو سيدي امحمد بوقبرين ،تفرعت ،من الطريقة الخلواتية ،وسماها  مؤسسها بالرحمانية نسبة الى والده سيدي عبد الرحمن الجرجري (رضي الله عنه) ،وجدت في مناطق الشرق ،والوسط الجزائري ،خاصة في الجزائر العاصمة ،مسيلة ،قسطينة ، سطيف ، بسكرة ،وبلاد القبائل ، كما وجد مريدوها خارج القطر الجزائري  ، في تونس ، والسودان ، وفلسطين ،ومصر ، وسينغال ، وساحل العاج ،وغيرها من المناطق ، ومن مشايخ الطريقة الرحمانية ، سيدي علي بن عيسى ،و سيدي محمد أمزيان بن الحداد ، وسيدي محمد بن أبي القاسم البوجليلي، والشيخ علي ، وسيدي عبد الرحمن باش تارزي ،والشيخ سيدي محمد بن عزوز جد الشيخ المكي بن الشيخ سيدي مصطفى بن عزوز ،و القطب سيدي علي بن عمر، وسيدي عبد الحفيظ الخنقي ، وسيدي مبارك بن قويدر، والشيخ المختار بأولاد جلال ،وسيدي الصادق، وسيدي علي بن عمر ، وسيدي خليفة أستاذ سيدي علي بن الحملاوي، وسيدي مصطفى بن عزوز، وتلميذه سيدي علي بن عثمان ،وتلميذ الشيخ المختار سيدي الشريف ابن الأحرش، والقطب سيدي محمد بن أبي القاسم الشريف الهاملي ، وتلامذته سيدي المكي بن عزوز ،وتلميذ الشيخ الصادق ،سيدي الحاج السعيد بن باش تارزي، والشيخ الحاج المختار ، والعلامة الطاهر الحسني القجالي السطايفي ،والعلامة الصديق بن الطاهر حمادوش ،والشيخ العلامة المختار بن الشيخ ،والشيخ الطيب زروق ، والشيخ محمد الصديق حمادوش ، والشهيد الشيخ عبد الحميد حمادوش ، والشيخ المنور مليزي ، والشيخ القريشي مدني ،وغيرهم من المشايخ الرحمانيين ،الذين يعدّون بمثابة نجوم زاهرة تسطع في سماء الجزائر وفضائها الديني والثقافي ،ومعلوم أن سجّل الطريقة الرحمانية في محاربة الاحتلال الفرنسي ،يرصّع بأحرف من نور في تاريخ الجزائر ، كما هو شائع، وما تزال الزوايا الرحمانية المبثوثة في القطر الجزائري ،وغيره ،تشع بأنوارها وتسطع بأسرارها، ويعمّ نفعها البلاد والعباد .

  الزاوية معانيها ، ووظائفها :

 


الزاوية لغة ، لفظ مؤخوذ من الإنزواء بقصد العكوف على العبادة أو على تلقي العلم، بعيدا عن دنيا الناس ،و مشاغلهم اليومية ، وهي أيضا رباط المجاهد في سبيل الله ،و حافظ الثغور ، يطلق على بناء ،أو مجموعة أبنية ذات طابع ديني ، و هي تشبه المدرسة ،في تخطيطها ،و أجزائها ،ووظائفها التعليمية ، و قد ذكر دوماس ،Daumas) ) عام 1947 في كتابه تعريفا للزاوية حيث قال : ( إن الزاوية هي على الجملة مدرسة دينية و دار مجانية للضيافة ) ، أنظر :  ليفي بروفنسال : ( الزوايا ) ، دائرة المعارف الإسلامية ،  أحمد الشنتاوي و آخرين ، المجلد 10 ، القاهرة 1933 ، ص 332 .

الزاوية ،  في الأصل مدرسة ،و مقر استرشاد ،و ملجأ أمان ، بيد أن هذه الوظائف و بقدر ما كانت تعبر عن أدوار محددة ،بقدر ما كانت تخفي في طياتها أسرار تطور الزاوية ،و تفعلها مع المجتمع ،و السلطة ،على حد سواء ، خلقت الزوايا أدبا رفيعا ،و شعرا صادقا ،و قامت ولازالت قائمة بتربية المريدين على الفضيلة و عدم نكران الذات ، و سماحة الخلق ، فكانوا يجتمعون في زوايا الأحياء و المداشر يتحابون في الله ،و يذكرون ،و يتذاكرون ،و يعلمون ، ويتعلمون ، و البعض منهم يصطحب أولاده الصغار فيرثون عن آبائهم حب الزاوية ،فيشبون في ظلالها و يتأدبون بآدابها .

تمثل الزاوية مؤسسة دينية ،و اجتماعية ،و علمية ،تبلورت أنشطتها ، وخصوصياتها ،منذ اسقرار الإسلام ،الى الآن ، وتعد مدرسة تعليمية ،ومركزاً للتربية الصوفية السنية ، ومعهدا لتزكية النفس و تطهيرها ، وملجأ لتربية الأيتام ،وبيت مال ، لتربية الفقراء والمساكين ،وتعليمهم ،و منزل لاستقبال عابري السبيل ،ومركز لحل مشاكل الناس ،و لذلك كان الشيوخ و قادة المتصوفين ،يتنافسون في بناء الزوايا ،و تشييدها لأجل أداء و ظيفتها الإجتماعية ،من إيواء الغرباء و إطعامهم ،و أداء الواجبات الدينية ،من الصلاة وزكاة وصدقة ،و ذكر ،وتلاوة القرآن ،و تعليم ،و تعلم ،و غير ذلك .

تواجدت في منطقة قجال زاوية منذ عقود من الزمن ، و هذه القرية القديمة تاريخيا فهي حسب الشواهد الأثرية تعود إلى العهد الروماني ، مرت عبر حقب تاريخية مختلفة لا سيما الحقبة الإسلامية ……

إن الدعائم الأساسية لقيام الزاوية ،لم تخرج عن ضرورات الحياة الفعلية ، فالزاوية ظلت منذ ظهورها ،مركزا لإطعام الطعام في أوقات حاجة ،و المجاعة ،و القحط ،أو حتى عند الخصاصة العادية ، لذا أضحى الإطعام ،ملازما لها ،و ميزة عامة لحياة روادها ،و سلوكا صوفيا يحتذي به المريد بعد شيخه ، حتى بلغ الأمر درجة اعتبر فيها الإطعام ،رمزا لكرامة صاحبها ، تمنحه سلطة رمزية ،بسبب كثرة المستفيدين منه ،و قلة المتوفرة من الطعام ، خصوصا في عند النقص في الإنتاج ،و توالي الأزمات ، حولت هذه الوضعية ، الزاوية ، الى مؤسسة اجتماعية لرعاية المحتاج ،و عابر السبيل ، فكان من ضروريات هذه الوظيفة ،أن تكون لها أملاك خاصة بها ، أو محبوسة عليها ،تستثمرها للوفاء بهذه الإلتزامات ،و لتغطية الخدمات المجانية ،لتتوسع في الحصول على الزكاة و الصدقات و الهبات و الزيارات .

لم تقتصر الزاوية ،في تشكيل مؤسستها ، على هذه الوظيفة ، بل ثمة وظائف أخرى ساهمت بدورها ،في تقوية رصيدها الرمزي ، فالزاوية هي في الأصل مركز للتربية والتعليم ،و الوعظ والإرشاد ،والسير والسلوك ، و قبلها كانت أداة للدفاع عن الملة ،والدين ، ضد كل أشكال الإنحراف الفكري ،والديني ،والثقافي ، وباعتبار الزاوية شكلا متطورا للرباط ، فقد تحولت من العملية التعليمية البسيطة ،إلى ممارسة تعليمية ، محكمة ،وفق شروط أكثر وضوح ، فقد تمكنت الزاوية وبفضل قراءات شيوخها ،وأبحاثهم ،و مقرراتهم ،و موادها التعليمية ، المدروسة ، من تقديم مواد دقيقة للتحصيل ،ومن بناء شخصيات علمائية لهم قدم في الكثير من الفنون ، كما استقبت طلبة العلم ،موفرة لهم شروط التعلم ،و الإقامة ، بل أصبحت هذه الشروط ،من وظائفها الأساسية ،التي تحصلت بسببها ،على كل ما يلزم لبقاء دورها العلمي ، والمعرفي ، والعرفاني مستمرا.

لقد حرص الشيوخ المقدمين للتربية الصوفية ،و التعليم الديني ،على تطوير أدائهم ،و بلورة هذا الأداء ،في صورة تلقين ،مجسد لشخصيتهم الصوفية ،القائمة على سمات البركة ، و هي القناة الخفية ،لما يمكن اعتباره الكمال في الوظيفة التعليمية ،التي يفيض عطاؤها على المريد المتعلم ،الآخذ من علم شيخه ، أخذ الضمآن المتعطش ،و المرتوي من بحار علم الشيخ الواسعة ، فشيخ الزاوية ،وهو معلم أول ،هو صاحب علم ،و سر ، علم الطريقة و السير والسلوك، وقدوة في العمل ،و مقصد المريد ، يحمل في شخصه  ،النموذج الصالح ،لحياة الناس ،و كراماته ،و مناقبه ،دليل على رغبته ،في الصلاح و الإصلاح ، إصلاح الناس ،في أمور العلم ،و الدين ،وولايته قدوة في السير و السلوك ، و هكذا تصبح الوظيفة التعليمية ، مزدوجة الأداء ، تفقيه الناس ،في أمور الدين ،و تقديم الإصلاح ، لذلك يصعب التمييز بين سمات الصلاح ،و الولاية ،و الأداء التعليمي ،و السلوكي .

من الوظائف الأساسية التي اضطلعت بها الزاوية ،وظيفة التحكيم ، و التي لم تكن أقل أهمية ، من باقي الوظائف السالفة ، بل لعل أكثرها حساسية ،و أفيدها لسلطة الزاوية ، فقد مكنت سمات المرابط ،ووضعه الاعتباري ،من جعله وسيطا مقبولا ،و حكما ،ترتضي لوساطته كل الأطراف ، بل كان عامل وفاق ،وفصل ،في كل ما كان ينشأ ،من نزاعات ،أو خلافات ،قبلية ، و تقوم وظيفة التحكيم ،على مبدأ المسالمة ، الذي ميز نشاط الولي ،و قناعة المتنازعين ،في الاعتراف له بهذه الصفة ، و هي الصفة التي منحته ،قدرا كبيرا من الجرأة ،التي رأى فيها كثيرا نوعا من المكاشفة ،في أمور الدنيا ، و هو ما يزكي في الغالب رأيه ،و يجعل كل الأطراف تقبل و ترضى بأحكامه ، لم ينحصر دور الشيخ التحكيمي على الدوام في الأمور السياسية ، وقضاياها ، أو في النزاعات الضيقة ، بل شمل كذلك ،أمور العلم ، والمعرفة ،و الشريعة ، والقضاء …..
   

شيوخ وعلماء زاوية قجال :







 صور لزاوية قجال
 




مقام سيدي مسعود الحسني
 




مراجع :



  • - المنشورات الجمعية الدينية والثقافية لمسجد عبد الله بن الزبير ، قجال , سطيف
  • - منشورات مخبر البحوث و الدراسات في حضارة المغرب الإسلامي / جامعة منتوري قسنطينة / الخريطة التاريخية و الأثرية لمنطقة سطيف / الملف التاريخي
  • - منشورات مخبر البحوث و الدراسات في حضارة المغرب الإسلامي / جامعة منتوري قسنطينة / المغرب الأوسط في العصر الوسيط من خلال كتب النوازل / السلطة الحفصية و أوقاف الأشراف / قراءة في ظهير لصالح زاوية قجال بسطيف / مؤرخ سنة 888 ه / 1483 م/ جامعة باجي مختار عنابة
  • كتاب - الإمام الشهيد عبد الحميد حمادوش (رحمه الله) - تأليف الشيخ الزبير حمادوش
  • - مجلة منبر قجال
  • - وثائق ومخطوطات زاوية قجال
  • - روايات أعيان وشيوخ ،وعلماء المنطقة
  • - تاريخ بن خلدون
  • - دراسات أساتذة التاريخ , جامعة فرحات عباس سطيف
  • - دراسات أساتذة التاريخ , جامعة منتوري قسنطينة
  • - دراسات أساتذة التاريخ , جامعة باجي المختار عنابة





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق