الشيخ أبو حامد الغزالي (رضي الله عنه)
(450 هـ - 505 هـ / 1058م - 1111م).
(450 هـ - 505 هـ / 1058م - 1111م).
الشيخ أبو حامد محمد الغزّالي ،الطوسي النيشابوري ،الشافعي ، الأشعري ، الصوفي ، من كبار علماء المسلمين في القرن الخامس الهجري، و واحدٌ من منظري المدرسة الأشعرية ، وأحد أقطابها الثلاثة بعد أبي الحسن الأشعري ، (الباقلاني ،والجويني ،والغزّالي) ، كان فقيهاً وأصولياً ، ومتكلماً ، وفيلسوفاً ، وهو شافعي المذهب في الفقه ،أشعري المنهج في العقيدة ، وقد عُرف بأنه وهو عارفٌ صوفي ، وله في هذا الفن مؤلفات ، بل هو من منظري التصوف النظري ، كما له رسائلٌ في التصوف العملي ، لُقّب الغزالي بألقاب كثيرة في حياته ، أشهرها "حجّة الإسلام"، وله أيضاً ألقاب اخرى مثل: " زين الدين " ، و"محجّة الدين"، و"العالم الأوحد" ، و"مفتي الأمّة"، و"بركة الأنام"، و"إمام أئمة الدين" ، و"شرف الأئمة".
كان له أثرٌ كبيرٌ ،وبصمةٌ واضحةٌ ،في عدّة علوم ،مثل علم المنطق ، والحكمة (الفلسفة) ، والفقه واصوله ، وعلم الكلام ، والعرفان (التصوف النظري) ، وصنف عشرات الكتب في تلك العلوم ،ولد ونشأ في طوس ،و هي مدينة تاريخيه أثرية بإيران ، ومن کبری مدن خراسان القدیمة ،فتحت في أيام الخليفة الثالث عثمان بن عفان (رضي الله عنه) ، وتعرف اليوم بـ* بمشهد * ، فيها الكثير من الآثار والمزارات والمقامات ،وأهمها إطلاقا مرقد الإمام علي الرضا ،بن موسى الكاظم ،بن جعفر الصادق ،بن محمد الباقر ،بن علي زين العابدين ، بن الحسين السبط ،بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهم أجمعين) ،تقع شمال شرق ايران ،في محافظة خراسان رضوی ، في أقاصي إقليم خراسان ، يحدها من الشمال مدينه كلات نادر ، وفي الشمال الشرقي تركمنستان، ومن الشرق أفغانستان ومدينة هراة، ومن الغرب مدينة نيشابور، ومن الجنوب مدينة فريمان ، ويبلغ عدد سكانها حوالي اربعة مليون نسمة ، كانت طوس مسقط رأس العديد من کبار العلماء في شتی العلوم، ومن مشاهیرهم الشاعر أبو القاسم الفردوسي الطوسي ،صاحب کتاب شاهنامه، ومعاصره أسدي الطوسي صاحب کتاب "لغتِ فرس" وهو أول معجم فارسي في القرن الخامس، ومن علماء الدين المشهورين أبو حامد محمد الغزالي الطوسي، ومحمد الطوسي ، والخواجة نصیر الدین الطوسي فی القرن السابع ،انتقل الشيخ أبو حامد محمد الغزّالي إلى نيسابور (نيشابور) و هي مدينة كائنة في اقليم خرسان الكبير ، في محافظة خراسان شمالي ، أو ما يعرف اليوم بخراسان رضوي ،تقع شمال شرق إيران قرب العاصمة الإقليمية مشهد ،ويقال بأن نيشبور كانت عاصمة لمقاطعة خراسان قديما .
انتقل الى نيشابور ليلازم أبا المعالي الجويني (الملقّب بإمام الحرمين)، فأخذ عنه معظم العلوم، ولمّا بلغ عمره 34 سنة، رحل إلى بغداد (وبغداد هي عاصمة جمهورية العراق ، ومركز محافظة بغداد ، بلغ عدد سكانها حوالي 7.6 مليون نسمة في عام 2013 ، ما يجعلها أكبر مدينة في العراق وثاني أكبر مدينة في الوطن العربي بعد القاهرة ، وتُعتبر هذه المدينة المركز الاقتصادي والإداري والتعليمي في الدولة العراقية)
انتقل الى بغداد مدرّساً في المدرسة النظامية في عهد الدولة العباسية ، بطلب من الوزير السلجوقي نظام الملك ، في تلك الفترة اشتُهر شهرةً واسعةً، وصار مقصداً لطلاب العلم الشرعي من جميع البلدان، حتى بلغ أنه كان يجلس في مجلسه أكثر من 400 من أفاضل الناس وعلمائهم يستمعون له ويكتبون عنه العلم ، وبعد 4 سنوات من التدريس قرر اعتزال الناس والتفرغ للعبادة وتربية نفسه، متأثراً بذلك بالصّوفية وكتبهم، فخرج من بغداد خفيةً في رحلة طويلة بلغت 11 سنة ، تنقل خلالها بين دمشق 1 ،والقدس 2 ،والخليل 3 ،ومكة 4 ،والمدينة المنورة 5 ، كتب خلالها كتابه المشهور إحياء علوم الدين ،كخلاصة لتجربته الروحية، عاد بعدها إلى بلده طوس ،متخذاً بجوار بيته مدرسةً للفقهاء، وخانقاه (مكان للتعبّد والعزلة) للصوفية.
نسبته :
هو أبو حامد محمد ، بن محمد ،بن محمد ،بن أحمد الغزّالي الطوسي النيشابوري ، يُكنّى بأبي حامد لولد له مات صغيراً، ويُعرَف بـ "الغزّالي" نسبة إلى صناعة الغزل، حيث كان أبوه يعمل في تلك الصناعة، ويُنسب أيضاً إلى "الغَزَالي" نسبة إلى بلدة غزالة من قرى طوس ، وقد قال عن نفسه : «النّاس يقولون لي الغزّالي، ولستُ الغزّالي، وإنّما أنا الغَزَالي منسوبٌ إلى قرية يُقال لها غزالة» ، وقد قال ابن خلكان أن نسبته إلى "الغزّالي" (بتشديد الزاي) هو المشهور، وهو أصحّ من نسبته إلى "الغَزَالي"، ويؤكّد ذلك ما رواه الرحّآلة ياقوت الحموي بأنّه لم يسمع ببلدة الغزالة في طوس ، كما يُعرف بـ"الطوسي" نسبة إلى بلدة طوس الموجودة في خراسان ، والتي تعرف الآن باسم مدينة مشهد موجودة في شمال شرق إيران ،في محافظة خرسان رضوي، وقد اختلف الباحثون في أصل الغزالي أعربي هو ،أم فارسي ، فهناك من ذهب على أنه من سلالة العرب الذين دخلوا بلاد فارس منذ بداية الفتح الإسلامي، ومن الباحثين من ذهب إلى أنه من أصل فارسي.
ولادته ونشأته :
ولد أبو حامد الغزّالي عام 450 هـجري قمري ، الموافق لـ 1058 ميلادي ، في "طابران"6 من قصبة طوس، وهي أحد قسمي طوس، وقيل بأنّه وُلد عام 451 هـجري قمري ، الموافق لـ 1059 ميلادي ، وقد كانت أسرته فقيرة الحال، إذ كان أباه يعمل في غزل الصوف وبيعه في طوس، ولم يكن له أبناء غيرَ أبي حامد، وأخيه أحمد والذي كان يصغره سنّاً ، كان أبوه مائلاً للصوفية، رجلاً صالحاً لا يأكل إلا من كسب يده، وكان يحضر مجالس الفقهاء ويجالسهم، ويقوم على خدمتهم، وينفق بما أمكنه إنفاقه، وكان كثيراً يدعو الله أن يرزقه ابنا ويجعله فقيهاً، فكان ابنه أبو حامد أفقه علماء زمانه، وكان ابنه أحمد واعظاً مؤثراً في الناس ، ولما قربت وفاة أبيهما، وصّى بهما إلى صديق له متصوّف، وقال له : «إِن لي لتأسفاً عظيماً على تعلم الخط وأشتهي استدارك ما فاتني في وَلَديّ هذَيْن فعلّمهما ولا عليك أن تنفذ في ذلك جميع ما أخلّفه لهما»، فلما مات أقبل الصوفيّ على تعليمهما حتى نفد ما خلّفهما لهما أبوهما من الأموال، ولم يستطع الصوفيّ الإنفاق عليهما، عند ذلك قال لهما: «اعلما أنّي قد أنفقت عليكما ما كان لكما وأنا رجل من الفقر والتجريد بحيث لا مال لي فأواسيكما به وأصلح ما أرى لَكمَا أن تلجئا إِلَى مدرسة كأنكما من طلبة الْعلم فَيحصل لَكمَا قوت يعينكما على وقتكما»، ففعلا ذلك وكان هو السبب في علو درجتهما، وكان الغزاليّ يَحكي هذا ويقُول: «طلبنا الْعلم لغير الله فأبى أن يكون إِلّا لله».
تعليمه :
ابتدأ طلبه للعلم في صباه عام 465 هـجري قمري، فأخذ الفقه في طوس على يد الشيخ أحمد الراذكاني، ثم رحل إلى - جرجان -7 وطلب العلم على يد الشيخ الإسماعيلي (وهو أبو النصر الإسماعيلي بحسب تاج الدين السبكي، بينما يرى الباحث فريد جبر أنه إسماعيل بن سعدة الإسماعيلي وليس أبا النصر لأنه توفي سنة 428 هـجري قمري ، قبل ولادة الغزالي)، وقد علّق عليه التعليقة (أي دوّن علومه دون حفظ وتسميع)، وفي طريق عودته من جرجان ، إلى طوس، واجهه قطّاع طرق، حيث يروي الغزالي قائلاً: «قطعت علينا الطرِيق وأخذ العيّارون جميع ما معي ومضوا فتبعتهم فالتفت إليّ مقدّمهم وقال: ارجع ويحك وإِلا هلكت! فقلت له: أسألك بالذي ترجو السلامة منه أن ترد علي تعليقتي فقط فما هي بشيء تنتفعون به ، فقال لي: وما هي تعليقتك: فقلت: كتبت في تلك المخلاة هاجرت لسماعها وكتابتها ومعرفة علمها ، فضحك وقال: كيف تدّعي أنّك عرفت علمها وقد أخذناها منك فتجردت من معرفتها وبقيت بلا علم؟ ثم أمر بعض أصحابه فسلّم إِليّ المخلاة» ، بعد ذلك قرّر الغزالي الاشتغال بهذه التعليقة، وعكف عليه 3 سنوات من 470 هـجري قمري إلى 473 هـجري قمري ، حتى حفظها.
وفي عام 473 هـجري قمري رحل الغزّالي إلى نيشابور ولازم إِمام الحرمين ، أبو المعالي الجويني (إمام الشافعية في وقته، ورئيس المدرسة النظامية)، فدرس عليه مختلف العلوم، من فقه الشافعية، وفقه الخلاف، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والمنطق، والفلسفة، وجدّ واجتهد ،حتى برع وأحكم كل تلك العلوم، ووصفه شيخه أبو المعالي الجويني بأنه: «بحر مغدِق»، وكان الجويني يُظهر اعتزازه بالغزالي، حتى جعله مساعداً له في التدريس، وعندما ألف الغزالي كتابه "المنخول في علم الأصول" قال له الجويني: «دفنتني وأنا حيّ، هلّا صبرتَ حتى أموت؟».
تدريسه ورحلاته :
عندما تُوفي أبو المعالي الجويني ، سنة 478 هـجري قمري الموافق ل 1085 ميلادي ، خرج الغزالي إلى "العسكر" أي "عسكر نيسابور"، قاصداً للوزير نظام الملك (وزير الدولة السلجوقية)، وكان له مجلس يجمع العلماء، فناظر الغزالي كبار العلماء في مجلسه وغلبهم، وظهر كلامه عليهم، واعترفوا بفضله، وتلقوه بالتعظيم والتبجيل ، كان الوزير نظام الملك زميلاً للغزالي في دراسته، وكان له الأثر الكبير في نشر المذهب الشافعي الفقهي، والعقيدة الأشعرية ، وذلك عن طريق تأسيس المدارس النظامية المشهورة، والتي قبل الغزالي عرض نظام الملك بالتدريس في المدرسة النظامية في بغداد، وكان ذلك في جمادى الأولى عام 484 هـجري قمري ، الموافق ل 1091 ميلادي، ولم يتجاوز الرابعة والثلاثين من عمره.
الغزالي في بغداد :
وصل الغزالي إلى بغداد في جمادى الأولى سنة 484 هـجري قمري ،في أيام الخليفة المقتدي بأمر الله العباسي، ودرّس بالمدرسة النظامية حتى أُعجب به الناس لحسن كلامه وفصاحة لسانه وكمال أخلاقه ، وأقام على التدريس ، تدريس العلم ونشره بالتعليم والفتيا والتصنيف مدّة أربعة سنوات، حتى اتسعت شهرته وصار يُشدّ له الرّحال، ولُقّب يومئذٍ بـ "الإمام" لمكانته العالية أثناء التدريس بالنظامية في بغداد، ولقّبه نظام الملك بـ "زين الدين" و"شرف الأئمة" ، وكان يدرّس أكثر من 300 من الطلاب في الفقه وعلم الكلام وأصول الفقه، وحضر مجالسه الأئمة الكبار كابن عقيل وأبي الخطاب وأبي بكر بن العربي، حيث قال أبو بكر بن العربي: «رأيت الغزالي ببغداد يحضر درسه أربعمائة عمامة من أكابر الناس وأفاضلهم يأخذون عنه العلم»،
انهمك الغزالي في البحث والاستقصاء ،والتدريس في المدرسة النظامية، والتأليف ،ألّف في ذلك الوقت كتابه "مقاصد الفلاسفة" ، ثمّ ألف كتاب "تهافت الفلاسفة"
رحلة الغزالي :
بعد خوض الغزالي في علوم الفلسفة ، عَكَف على قراءة ودراسة العلوم الصوفية، وصحب الشيخ الفضل بن محمد الفارمذي (الذي كان مقصداً للصوفية في عصره في نيشابور، وهو تلميذ أبو القاسم القشيري)، فتأثر الغزالي بذلك، ولاحظ على نفسه بعده عن حقيقة الإخلاص لله وعن العلوم الحقيقية النافعة في طريق الآخرة، وشعر أن تدريسه في النظامية مليء بحب الشهرة والعُجُب والمفاسد، عند ذلك عقد العزم على الخروج من بغداد، يقول عن نفسه:
أبو حامد الغزالي ثم لاحظت أحوالي، فإذا أنا منغمس في العلائق، وقد أحدقت بي من الجوانب، ولاحظت أعمالي - وأحسنها التدريس والتعليم - فإذا أنا فيها مقبل على علوم غير مهمة، ولا نافعة في طريق الآخرة. ثم تفكرت في نيتي في التدريس، فإذا هي غير خالصة لوجه الله تعالى، بل باعثها ومحركها طلب الجاه وانتشار الصيت، فتيقنت أني على شفا جرف هار، وأني قد أشفيت على النار، إن لم أشتغل بتلافي الأحوال.. فلم أزل أتردد بين تجاذب شهوات الدنيا، ودواعي الآخرة، قريباً من ستة أشهر أولها رجب سنة 488 هـجري قمري ، وفي هذا الشهر جاوز الأمر حد الاختيار إلى الاضطرار، إذ أقفل الله على لساني حتى اعتقل عن التدريس، فكنت أجاهد نفسي أن أدرس يوماً واحداً تطييباً لقلوب المختلفة إلي، فكان لا ينطق لساني بكلمة واحدة ولا أستطيعها البتة ،ثم لما أحسست بعجزي، وسقط بالكلية اختياري، التجأت إلى الله التجاء المضطر الذي لا حيلة له، فأجابني الذي يجيب المضطر إذا دعاه، وسهل على قلبي الإعراض عن الجاه والمال والأهل والولد والأصحاب..
(أبو حامد الغزالي)
.
فكان خروجه من بغداد في ذي القعدة سنة 488 هـجري قمري، وقد ترك أخاه أحمد الغزّالي مكانه في التدريس في النظامية في بغداد ، وقد خرج إلى الشام قاصداً الإقامة فيها، مُظهِرَاً أنه متّجه إلى مكة للحجّ حذراً أن يعرف الخليفة فيمنعه من السفر إلى الشام، فوصل دمشق في نفس العام، ومكث فيها قرابة السنتين لا شغل له إلا العزلة والخلوة، والمجاهدة، اشتغالاً بتزكية النفس، وتهذيب الأخلاق ، فكان يعتكف في مسجد دمشق، يصعد منارة المسجد طول النهار، ويغلق على نفسه الباب، وكان يكثر الجلوس في زاوية الشيخ نصر المقدسي في الجامع الأموي والمعروفة اليوم بـ "الزاوية الغزالية" نسبةً إليه، بعد ذلك رحل الغزالي إلى القدس واعتكف في المسجد الأقصى وقبة الصخرة ، ثم ارتحل وزار مدينة الخليل في فلسطين، وما لبث أن سافر إلى مكة والمدينة المنورة لأداء فريضة الحج، ثم عاد إلى بغداد، بعد أن قضى 11 سنة في رحلته، ألّف خلالها أعظم كتبه "إحياء علوم الدين"، وقد استقر أمره على الصوفية.
وبحسب تاج الدين السبكي ،وابن الجوزي ،وغيرهما، فإن الغزالي خرج أولاً من بغداد إلى الحج سنة 488 هـجري قمري، ثم عاد منها إلى دمشق فدخلها سنة 489 هجـري قمري ، فلبث فيها أياماً، ثم توجّه إلى القدس، فجاور فيها مدّة، ثم عاد وبقي في دمشق معتكفاً في جامعها، ثم رحل وزار الإسكندرية في مصر، واستمرّ يجول في البلدان ويزور المشَاهد وَيَطوف على المساجد حتى عاد إلى بغداد للتدريس فيها.
عودته إلى طوس :
بعد قرابة 11 سنة من العزلة والتنقّل، عزم الغزّالي على العودة إلى بغداد ، فكان ذلك في ذي القعدة سنة 499 هـجري قمري ،ولم يدم طويلاً حتى أكمل رحلته إلى نيشابور ومن ثمّ إلى بلده طوس، وهناك لم يلبث أن استجاب إلى رأي الوزير فخر الملك للتدريس في نظامية نيشابور مكرهاً، فدرّس فيها مدة قليلة، وما لبث أن قُتل فخر الدين الملك ، من ثمّ رحل الغزالي مرة أخرى إلى بلده طابران في طوس، وسكن فيها، متخذاً بجوار بيته مدرسة للفقهاء وخانقاه (مكان للتعبّد والعزلة) للصوفية، ووزّع أوقاته على وظائف من ختم القرآن العظيم ، ومجالسة الصوفية والتدريس لطلبة العلم ،وإدامة الصلاة والصيام وسائر العِبَادات، كما صحّح قراءة أحاديث صحيح البخاري وصحيح مسلم على يد الشيخ عمر بن عبد الكريم بن سعدويه الرواسي، يروي بعض الناس حال الغزالي عند دخوله بغداد أول مرة، وحال دخوله إياها بعد رحلته، فعن أبي منصور الرزاز الفقيه، قال: «دخل أبو حامد بغداد، فقوّمنا ملبوسه ومركوبه خمسمائة دينار، فلمّا تزهد وسافر وعاد إلى بغداد، فقوّمنا ملبوسه خمسة عشر قيراطاً» وعن أنوشروان (وكان وزيراً للخليفة) أنه زار الغزالي فقال له الغزالي: «زمانك محسوب عليك وأنت كالمستاجر فتوفرك على ذلك أولى من زيارتي» فخـرج أنوشروان وهو يقول: «لا إله إلا الله، هذا الذي كان في أول عمره يستزيدني فضل لقب في ألقابه، كان يلبس الذهب والحرير».
وفاته :
بعد أن عاد الغزّالي إلى طوس، لبث فيها بضع سنين، وما لبث أن تُوفي يوم الاثنين 14 جمادى الآخرة 505 هـجري قمري، الموافق 19 ديسمبر 1111 ميلادي ، في "الطابران" في طوس ، ولم يعقب إلا البنات ، روى أبو الفرج بن الجوزي في كتابه "الثبات عند الممات"، عن أحمد (أخو الغزالي): «لما كان يوم الإثنين وقت الصبح توضأ أخي أبو حامد وصلّى، وقال: "عليّ بالكفن"، فأخذه وقبّله، ووضعه على عينيه وقال: "سمعاً وطاعة للدخول على الملك"، ثم مدّ رجليه واستقبل القبلة ومات قبل الإسفار» ، وقد سأله قبيل الموت بعض أصحابه:، فقالوا له: أوصِ ، فقال: «عليك بالإخلاص» فلم يزل يكررها حتى مات.
وأما عن تعيين قبره، فقد روى تاج الدين السبكي بأن الغزّالي دُفن في مقبرة "طابران"، وقبره هناك ظاهر وبه مزار .
آثار الشيخ ابو حامد الغزالي :
من أهم الكتب المنسوبة للشيخ أبي حامد غزالي (رحمه الله) ،في العقيدة وعلم الكلام والفلسفة والمنطق ......
الاقتصاد في الاعتقاد.
بغية المريد في مسائل التوحيد.
إلجام العوام عن علم الكلام.
المقصد الأسنى شرح أسماء الله الحسنى.
المعارف العقلية ولباب الحكمة الإلهية.
القانون الكلي في التأويل.
فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة.
مقاصد الفلاسفة.
تهافت الفلاسفة.
معيار العلم في فن المنطق.
محك النظر في المنطق.
ميزان العمل.
في علم الفقه وأصوله وعلم الجدل:
التعليقة في فروع المذهب.
البسيط في الفروع.
الوسيط، في فقه الإمام الشافعي.
الوجيز، في فقه الإمام الشافعي.
فتاوى الغزالي.
غاية الغور في دراية الدور، في المسألة السريجية.
المستصفى في علم أصول الفقه.
المنخول في علم الأصول.
تهذيب الأصول.
المباديء والغايات.
شفاء الغليل في القياس والتعليل.
القسطاس المستقيم.
أساس القياس.
المنتحل في علم الجدل.
مآخذ الخلاف.
لباب النظر.
تحصين المآخذ في علم الخلاف.
جواب مفصل الخلاف.
في علم التصوف والعرفان :
إحياء علوم الدين.
الإملاء على مشكل الإحياء.
بداية الهداية.
أيها الولد.
أسرار معاملات الدين.
روضة الطالبين وعمدة السالكين.
الأربعين في أصول الدين.
مدخل السلوك الي منازل الملوك.
ميزان العمل.
زاد الآخرة، (وقد كتبه بالفارسية وتُرجم إلى العربية).
مكاشفة القلوب المقرب إلى حضرة علاّم الغيوب.
سر العالمين وكشف ما في الدارين.
منهاج العابدين.
منهاج العارفين.
معارج القدس في مدارج معرفة النفس.
مشكاة الأنوار.
الرسالة اللدنية.
الكشف والتبيين في غرور الخلق أجمعين.
متنوعات:
المنقذ من الضلال.
المضنون به على غير أهله.
المضنون به على أهله.
جواهر القرآن ودرره.
حقيقة القرآن.
الحكمة في مخلوقات الله.
التبر المسبوك في نصحية الملوك.
القصيدة المنفرجة.
شفاء الغليل في بيان الشبه والمخيل ومسالك التعليل.
............................................
1 - دمشق، هي عاصمة الجمهورية العربية السورية، ومركز محافظة دمشق ،وهي أحد أقدم مدن العالم ،مع تاريخ غير منقطع منذ أحد عشر ألف عام تقريبًا، وأقدم مدينة - عاصمة في العالم ،أصبحت عاصمة منطقة سوريا منذ عام 635. قبل هذا التاريخ كانت دمشق العاصمة لفترات قصيرة بين 115-95 قبل الميلاد على يد أنطوخيوس التاسع؛ وبعد عام 635 نقلت العاصمة من دمشق لفترة قصيرة 1922 - 1924 حين كانت العاصمة في حمص ضمن الاتحاد السوري. مع ذلك، يميل معظم المؤرخين لاعتبار الفتح الإسلامي، مرحلة نقل العاصمة نهائيًا من أنطاكية إليها. انظر دمشق الفيحاء، ص.16
2 - القُدْس ،هي مدينة مقدسة لدى المسلمين ،وهي أكبر مدينة في فلسطين التاريخية من حيث المساحة وعدد السكان ،وأكثرها أهمية دينيًا واقتصاديًا ، تُعرف بأسماء أخرى ،مثل : بيت المقدس، القدس الشريف، وأولى القبلتين ، هي اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ......
3 – الخليل مدينة فلسطينية، ومركز محافظة الخليل ،تقع في الضفة الغربية إلى الجنوب من القدس بحوالي 35 كم، أسسها الكنعانيون في العصر البرونزي المبكر وتعتبر اليوم أكبر المدن الضفة الغربية من حيث عدد السكان والمساحة، حيث يقدر عدد سكانها بقرابة 200 ألف نسمة
4 - مكة المكرمة هي مدينة مقدسة لدى المسلمين، بها المسجد الحرام، والكعبة التي تعد قبلة المسلمين في صلاتهم. تقع غرب الحجاز (المملكة العربية السعودية) ، تبعد عن المدينة المنورة حوالي 400 كيلومتر في الاتجاه الجنوبي الغربي، وعن مدينة الطائف حوالي 120 كيلومترا في الاتجاه الشرقي، وعلى بعد 72 كيلومترا من مدينة جدة وساحل البحر الأحمر، تقع مكة المكرمة عند تقاطع درجتي العرض 25/21 شمالا، والطول 49/39 شرقا، ويُعتبر هذا الموقع من أصعب التكوينات الجيولوجية، فأغلب صخورها جرانيتية شديدة الصلابة. تبلغ مساحة مدينة مكة المكرمة حوالي 850 كم²، منها 88 كم² مأهولة بالسكان، وتبلغ مساحة المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد الحرام حوالي 6 كم²، ويبلغ ارتفاع مكة عن مستوى سطح البحر حوالي 277 مترًا.
5 - المدينة المنورة يلقبها المسلمون "طيبة الطيبة" أول عاصمة في تاريخ الإسلام، وثاني أقدس الأماكن لدى المسلمين بعد مكة. هي عاصمة منطقة المدينة المنورة الواقعة على أرض الحجاز التاريخية غرب المملكة العربية السعودية ، تبعد المدينة المنورة حوالي 400 كم عن مكة المكرمة في الاتجاه الشمالي الشرقي، وعلى بعد حوالي 150 كم شرق البحر الأحمر، وأقرب الموانئ لها هو ميناء ينبع والذي يقع في الجهة الغربية الجنوبية منها ويبعد عنها 220 كم، تبلغ مساحة المدينة المنورة حوالي 589 كم² منها 99 كم² تشغلها المنطقة العمرانية، أما باقي المساحة فهي خارج المنطقة العمرانية، وتتكون من جبال ووديان ومنحدرات سيول وأراض صحراوية وأخرى زراعية ومقابر وأجزاء من شبكة الطرق السريعة.
6 – طابران هي بلدة من بلدات طوس المعروفة حالية بمشهد ،الكائنة في محافظة خرسان رضوي
7 – جرجان ، أو ڤر ڤان بالفارسية :گرگان، وكانت قديماً تسمّى أستراباد ، إحدى المدن الشهيرة في إيران، وتقع في شمال إيران
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق